فصل: تفسير الآية رقم (42):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (41):

{لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (41)}
{لَهُم مّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ} أي فراش من تحتهم، وتنوينه للتفخيم وهو فاعل الظرف أو مبتدأ، والجملة إما مستأنفة أو حالية، ومن تجريدية، والجار والمجرور متعلق حذوف وقع حالًا من {مِهَادٌ} لتقدمه {وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} أي أغطية جمع غاشية، وعن ابن عباس ومحمد بن كعب القرظي أنها اللحف. والآية على ما قيل مثل قوله تعالى: {لَهُمْ مّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مّنَ النار وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ} [الزمر: 16] والمراد أن النار محيطة بهم من جميع الجوانب وأخرج ابن مردويه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية ثم قال: «هي طبقات من فوقه وطبقات من تحته لا يدري ما فوقه أكثر أو ما تحته غير أنه ترفعه الطبقات السفلى وتضعه الطبقات العليا ويضيق فيما بينهما حتى يكون نزلة الزج في القدح» وتنوين {غَوَاشٍ} عوض عن الحرف المحذوف أو حركته، والكسرة ليست للإعراب وهو غير منصرف لأنه على صيغة منتهى الجموع، وبعض العرب يعربه بالحركات الظاهرة على ما قبل الياء لجعلها محذوفة نسيًا منسيًا، ولذا قرئ {غَوَاشٍ} بالرفع كما في قوله تعالى: {وَلَهُ الجوار} [الرحمن: 24] في قراءة عبد الله.
{تَتْبِيبٍ وكذلك} أي ومثل ذلك الجزء الشديد {نَجْزِى الظالمين} عبر عنهم بالمجرمين تارة وبالظالمين أخرى للتنبيه على أنهم بتكذيبهم بالآيات واستكبارهم عنها جمعوا الصفتين. وذكر الجرم مع الحرمان من الجنة والظلم مع التعذيب بالنار تنبيهًا على أنه أعظم الأجرام، ولا يخفى على المتأمل في لطائف القرآن العظيم ما في إعداد المهاد والغواشي لهؤلاء المستكبرين عن الآيات ومنعهم من العروج إلى الملكوت وتقييد عدم دخولهم الجنة بدخول البعير بخرق الإبرة من اللطافة فليتأمل.

.تفسير الآية رقم (42):

{وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (42)}
{والذين ءامَنُواْ} أي بآياتنا ولم يكذبوا بها {وَعَمِلُواْ} الأعمال {الصالحات} ولم يستكبروا عنها {لاَ نُكَلّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} أي ما تقدر عليه بسهولة دون ما تضيق به ذرعًا، والجملة اعتراض وسط بين المبتدأ وهو الموصول والخبر الذي هو جملة {أُوْلَئِكَ أصحاب الجنة} للترغيب في اكتساب ما يؤدي إلى النعيم المقيم ببيان سهولة مناله وتيسر تحصيله. وقيل: المعنى لا نكلف نفسًا إلا ما يثمر لها السعة أي جنة عرضها السموات والأرض وهو خلاف الظاهر وإن كانت الآية عليه لا تخلو عن ترغيب أيضًا. وجوز أن يكون اسم الإشارة بدلًا من الموصول وما بعده خبر المبتدأ، وما فيه من معنى البعد للإيذان ببعد منزلتهم في الفضل والشرف. وجوز أيضًا أن تكون جملة {لاَ نُكَلّفُ} إلخ خبر المبتدأ بتقدير العائد أي منهم. وقوله سبحانه: {هُمْ فِيهَا خالدون} حال من {أصحاب الجنة}، وجوز كونه حالًا من {الجنة} لاشتماله على ضميرها أيضًا والعامل فيها معنى الإضافة أو اللام المقدرة. وقيل: خبر لأولئك على رأي من جوزه. و{فِيهَا} متعلق بخالدون قدم عليه رعاية للفاصلة.

.تفسير الآية رقم (43):

{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43)}
{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مّنْ غِلّ} أي قلعنا ما في قلوبهم من حقد مخفي فيها وعداوة كانت قتضى الطبيعة لأمور جرت بينهم في الدنيا. أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي قال: إن أهل الجنة إذا سيقوا إلى الجنة فبلغوها وجدوا عند بابها شجرة، في أصل ساقها عينان فيشربون من إحداهما فينزع ما في صدورهم من غل فهو الشراب الطهور ويغتسلون من الأخرى فتجري عليهم نضرة النعيم فلن يشعثوا ولن يشحبوا بعدها أبدًا. وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يحبس أهل الجنة بعدما يجوزون الصراط حتى يؤخذ لبعضهم من بعض ظلاماتهم في الدنيا فيدخلون الجنة وليس في قلوب بعض على بعض غل». وقيل: المراد طهرنا قلوبهم وحفظناها من التحاسد على درجات الجنة ومراتب القرب بحيث لا يحسد صاحب الدرجة النازلة صاحب الدرجة الرفيعة. وهذا في مقابلة ما ذكره سبحانه من لعن أهل النار بعضهم بعضًا. وأيًا ما كان فالمراد ننزع لأنه في الآخرة إلا أن صيغة الماضي للإيذان بتحققه. وقيل: إن هذا النزع إنما كان في الدنيا، والمراد عدم اتصافهم بذلك من أول الأمر إلا أنه عبر عن عدم الاتصاف به مع وجود ما يقتضيه حسب البشرية أحيانًا بالنزع مجازًا، ولعل هذا بالنظر إلى كمل المؤمنين كأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم رحماء بينهم يحب بعضهم بعضًا كمحبته لنفسه أو المراد إزالته بتوفيق الله تعالى قبل الموت بعد أن كان قتضى الطباع البشرية. ويحتمل أن يخرج على الوجهين ما أخرجه غير واحد عن علي كرم الله تعالى وجهه أنه قال في هذه الآية: إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير منهم، ويقال على الثاني فيما وقع مما ينبئ بظاهره عن الغل. إنه لم يكن إلا عن اجتهاد إعلاءًا لكلمة الله تعالى. ولا يخفى بعد هذا المعنى وإن ساعده ظاهر الصيغة. و{مّنْ غِلّ} على سائر الاحتمالات حال من ما.
وقوله سبحانه: {تَجْرِى مِن تَحْتِهِمُ الانهار} حال أيضًا إما من الضمير في {صُدُورُهُمْ} لأن المضاف جزء من المضاف إليه والعامل معنى الإضافة أو العامل في المضاف، وإما من ضمير {نزعنا} على ما قيل والعامل الفعل. واختار بعضهم أن الجملة مستأنفة للإخبار عن صفة أحوالهم. والمراد تجري من تحت غرفها مياه الأنهار زيادة في لذتهم وسرورهم.
{الانهار وَقَالُواْ الحمد لِلَّهِ الذي هَدَانَا لهذا} الفوز العظيم والنعيم المقيم. والمراد الهداية لما أدى إليه من الأعمال القلبية والقالبية مجازًا وذلك بالتوفيق لها وصرف الموانع عن الاتصاف بها.
وقيل: المراد من الهداية لما هم فيه من النعيم مجاوزة الصراط إلى أن وصلوا إليه. ومن الناس من جعل الإشارة إلى نزع الغل من الصدور ولا أراه شيئًا {وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِىَ} أي لهذا أو لمطلب من المطالب التي هذا من جملتها {لَوْلا أَنْ هَدَانَا الله} وفقنا له، واللام لتأكيد النفي وهي المسماة بلام الجحود وجواب {لولا} محذوف لدلالة ما قبله عليه، وليس إياه لامتناع تقدم الجواب على الصحيح ومفعول {نهتدي}. {وهدانا} الثاني محذوف لظهور المراد أو لإرادة التعميم كما أشير إليه، والجملة حالية أو استئنافية، وفي مصاحف أهل الشام {نَعْقِلُ مَا كُنَّا} بدون واو وهي قراءة ابن عامر فالجملة كالتفسير للأولى، وهذا القول من أهل الجنة لإظهار السرور بما نالوا والتلذذ بالتكلم به لا للتقرب والتعبد فإن الدار ليست لذلك؛ وهذا كما ترى من رزق خيرًا في الدنيا يتكلم بنحو هذا ولا يتمالك أن لا يقوله للفرح لا للقربة.
وقوله سبحانه: {لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبّنَا بالحق} جملة قسمية لم يقصد بها التقرب أيضًا وهي بيان لصدق وعد الرسل عليهم السلام إياهم بالجنة على ما نص عليه بعض الفضلاء، وقيل: تعليل لهدايتهم. والباء إما للتعدية فهي متعلقة بجاءت أو للملابسة فهي متعلقة قدر وقع حالًا من الرسل، ولا يخفى ما في هذه الآية من الرد الواضح على القدرية الزاعمين أن كل مهتد خلق لنفسه الهدى ولم يخلق الله تعالى له ذلك، ودونك فاعرض قول المعتزلة في الدنيا المهتدي من اهتدى بنفسه على قول الله تعالى حكاية عن قول الموحدين في مقعد صدق {وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِىَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا الله} واختر لنفسك أي الفريقين تقتدي به ولا أراك أيها العاقل تعدل بما نوه الله تعالى به قول ضال يتذبذب مع هواه وتعصبه. ولما رأى الزمخشري هذه الآية كافحة في وجوه قومه فسر الهدى باللطف الذي بسببه يخلق العبد الاهتداء لنفسه، وهو لعمري كلام من حرم اللطف نسأل الله تعالى العفو والعافية.
{وَنُودُواْ} أي نادتهم الملائكة، وجوز بعضهم احتمال أن المنادي هو الله، والآثار تؤيد الأول. {أَن تِلْكُمُ الجنة} أي أي تلكم على أن {ءانٍ} مفسرة لما في النداء من معنى القول، ويجوز أن تكون مخففة من أن وحرف الجر مقدر واسمها ضمير شأن محذوف أي بأنها أو بأنه تلكم، وأوجب البعض الثاني بناءً على أنه يجب أن يؤنث ضمير الشأن إذا كان المسند إليه في الجملة المفسرة مؤنثًا، والصحيح عدم الوجوب على ما صرح به ابن الحاجب وابن مالك، ومعنى البعد في اسم الإشارة إما لرفع منزلتها وبعد مرتبتها، وإما لأنهم نودوا عند رؤيتهم إياها من مكان بعيد، وإما للإشعار بأنها تلك الجنة التي وعدوها في الدنيا وإليه يشير كلام الزجاج.
والظاهر أن {تِلْكُمُ الجنة} مبتدأ وخبر وقوله سبحانه: {أُورِثْتُمُوهَا} حال من الجنة والعامل فيها معنى الإشارة ويجوز أن تكون الجنة نعتًا لتلكم أو بدلًا و{أُورِثْتُمُوهَا} الخبر، ولا يجوز أن يكون حالًا من المبتدأ ولا من كم كما قاله أبو البقاء وهو ظاهر، والتزم بعضهم في توجيه البعد أن {تِلْكُمُ} خبر مبتدأ محذوف أي هذه تلكم الجنة الموعودة لكم قبل أو مبتدأ حذف خبره أي تلك الجنة التي أخبرتم عنها أو وعدتم بها في الدنيا هي هذه ولا حاجة إليه. والمنادى له أولًا وبالذات كونها موروثة لهم وما قبله توطئة له، والميراث مجاز عن الإعطاء أي أعطيتموها.
{ا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} في الدنيا من الأعمال الصالحة، والباء للسببية وتجوز بذلك عن الإعطاء إشارة إلى أن السبب فيه ليس موجبًا وإن كان سببًا بحسب الظاهر كما أن الإرث ملك بدون كسب وإن كان النسب مثلًا سببًا له، والباء في قوله صلى الله عليه وسلم على ما في بعض الكتب: «لن يدخل أحدكم الجنة بعمله» وكذا في قوله عليه الصلاة والسلام على ما في الصحيحين من حديث أبي هريرة وجابر «لن ينجو أحد منكم بعمله» للسبب التام فلا تعارض، وجوز أن تكون الباء فيما نحن فيه للعوض أي قابلة أعمالكم، وقيل: تلك الإشارة إلى منازل في الجنة هي لأهل النار لو كانوا أطاعوا جعلها الله تعالى إرثًا للمؤمنين، فقد أخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن السدي قال: ما من مؤمن ولا كافر إلا وله في الجنة والنار منزل مبين فإذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ودخلوا منازلهم رفعت الجنة لأهل النار فنظروا إلى منازلهم فيها فقيل لهم هذه منازلكم لو عملتم بطاعة الله تعالى ثم يقال: يا أهل الجنة رثوهم بما كنتم تعملون فيقتسم أهل الجنة منازلهم، وأنت تعلم أن القول بهذا الإرث الغريب لا يدفع الحاجة إلى المجاز.
وزعم المعتزلة أن دخول الجنة بسبب الأعمال لا بالتفضل لهذه الآية، ولا يخفى أنه لا محيص لمؤمن عن فضل الله تعالى لأن اقتضاء الأعمال لذاتها دخول الجنة أو إدخال الله تعالى ذويها فيها مما لا يكاد يعقل، وقصارى ما يعقل أن الله تعالى تفضل فرتب عليها دخول الجنة فلولا فضله لم يكن ذلك، وأنا لا أرى أكثر جرأة من المعتزلة في هذا الباب ككثير من الأبواب فإن مآل كلامهم فيه أن الجنة ونعيمها الذي لا يتناهى إقطاعهم بحق مستحق على الله تعالى الذي لا ينتفع بشيء ولا يتضرر بشيء لا تفضل له عليهم في ذلك بل هو ثابة دين أدى إلى صاحبه سبحانك هذا بهتان عظيم وتكذيب لغير ما خبر صحيح.

.تفسير الآية رقم (44):

{وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (44)}
{وَنَادَى أصحاب الجنة} بعد الاستقرار فيها كما هو الظاهر، وصيغة الماضي لتحقق الوقوع، والمعنى ينادي ولابد كل فريق من أهل الجنة {أصحاب النار} أي من كان يعرفه في الدنيا من أهلها تبجحًا بحالهم وشماتة بأعدائهم وتحسيرًا لهم لا لمجرد الإخبار والاستخبار {أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا} على ألسنة رسله عليهم السلام من النعيم والكرامة {حَقًّا} حيث نلنا ذلك {فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ} أي ما وعدكم من الخزي والهوان والعذاب {حَقًّا} وحذف المفعول تخفيفًا وإيجازًا واستغناء بالأول، وقيل: لأن ما ساءهم من الوعود لم يكن بأسره مخصوصًا بهم وعده كالبعث والحساب ونعيم أهل الجنة فإنهم قد وجدوا جميع ذلك حقًا وإن لم يكن وعده مخصوصًا بهم. وتعقب بأنه لا خفاء في كون أصحاب الجنة مصدقين بالكل والكل مما يسرهم فكان ينبغي أن يطلق وعدهم أيضًا؛ فالوجه الحمل على ما تقدم، ونصب {حَقًّا} في الموضعين على الحالية، وجوز أن يكون على أنه مفعول ثان ويكون وجد عنى علم، والتعبير بالوعد قيل: للمشاكلة، وقيل: للتهكم. ومن الناس من جوز أن يكون مفعول وعد المحذوف بمن وحينئذٍ فلا مشاكلة ولا تهكم. وأيًا ما كان لا يستبعد هذا النداء هناك وأن بعد ما بين الجنة والنار من المسافة كما لا يخفى.
{قَالُواْ} في جواب أصحاب الجنة {نِعْمَ} قد وجدنا ذلك حقًا. وقرأ الكسائي {نِعْمَ} بكسر العين وهي لغة فيه نسبت إلى كنانة وهذيل ولا عبرة بمن أنكره مع القراءة به وإثبات أهل اللغة له بالنقل الصحيح. نعم ما روي من أن عمر رضي الله تعالى عنه «سأل قومًا عن شيء فقالوا: نعم فقال عمر: أما النعم فالإبل قولوا: نعم» لا أراه صحيحًا لما فيه من المخالفة لأصح الفصيح {فَأَذَّنَ مُؤَذّنٌ} هو على ما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه صاحب الصور عليه السلام، وقيل: مالك خازن النار. وقيل: ملك من الملائكة غيرهما يأمره الله تعالى بذلك. ورواية الإمامية عن الرضا وابن عباس أنه علي كرم الله تعالى وجهه مما لم يثبت من طريق أهل السنة وبعيد عن هذا الإمام أن يكون مؤذنًا وهو إذ ذاك في حظائر القدس {بَيْنَهُمْ} أي الفريقين لا بين القائلين نعم كما قيل، ولا يرد أن الظاهر أن يقال: بينهما لأنه غير متعين {أَن لَّعْنَةُ الله عَلَى الظالمين} بأن المخففة أو المفسرة، والمراد الإعلام بلعنة الله تعالى لهم زيادة لسرور أصحاب الجنة وحزن أصحاب النار أو ابتداء لعن. وقرأ ابن كثير. وابن عامر. وحمزة. والكسائي {أَن لَّعْنَةُ الله} بالتشديد والنصب: وقرأ الأعمش بكسر الهمزة على إرادة القول بالتضمين أو التقدير أو على الحكاية بإذن لأنه في معنى القول فيجري مجراه.